هدية الرسول الكريم للفقراء

- 9:17 م
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: 
قد سمعنا في ايامنا هذه ، مَن يشتكي الأغنياء والتجار، وما هم فيه من رغدِ العيشِ والاسْتئثار! فهل سمعنا شكْوى الصحابة -رضي الله عنهم- لأغنياءِ وتُجَّارِ زمانهم! فهي أغربُ شكوى سُمِعت في التاريخ! فما أجمل أنْ نُمتع أسماعنا، ونُحرك قلوبنا بسماعها، وأخذِ العبرةِ منها!.
ثبت في الصحيحين: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حزينين مهمومين، فقَالُوا: يا رسول الله: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ، أي أهلُ الأموال الكثيرة، بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى، وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ.
أي أنَّ الأغنياء والتجار، فازوا في الجنة بالدرجات العُلى، والنعيمِ المقيمِ فيها.

فتعجَّب النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك، وقَالَ: "وَمَا ذَاكَ" قَالُوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلاَ نَتَصَدَّقُ، وَيُعْتِقُونَ وَلاَ نُعْتِقُ.
الله أكبر! إنها همَّةُ الصحابة العظماء! والقادةِ الأجلاء! همَّةٌ تَتَضَعْضَعُ دونها الجبالُ الراسية! والبحارُ الْمُتلاطمة! والحصونُ المنيعة!.
إنها همَّةٌ جعلتْ منهم رجالاً صنعوا التاريخ! وفتحوا وطهَّروا الأرض! فرضي الله عنهم وأرضاهم، وأخزى الله من تنقَّصهم وآذاهم.
وقارنوا حالنا بحالهم، نحن نشتكي إلى بعضنا؛ اسْتئثار الأغنياء بالأموال والمتاع والطعام! وهم يشتكون إلى بعضهم، اسْتئثار الأغنياء بالدرجات العلى في الجنان!.
نحن نشتكي الأغنياء؛ لأنهم سبقونا ببناء القصور والدُّور! وهم يشتكونهم؛ لأنهم سبقوهم بالدرجات والأجور، والفوزِ في دارِ السرورِ والحبور!.
انظروا ما ذا قال هؤلاء، الذين في ظاهرهم فقراء، وفي باطنهم وهمَّتهم أغنياءُ عظماء، قالوا: يا رسول الله، الأغنياءُ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، فنحن وهم في ذلك سواء، لكنَّهم يَتَصَدَّقُونَ وَلاَ نَتَصَدَّقُ، وَيُعْتِقُونَ وَلاَ نُعْتِقُ؛ لأنَّ عندهم من الأموال ما ليس عندنا، فلن نهنأ بعيشٍ واطْمئنان، ونحن نرى أحداً يسبقنا إلى الجنان!.

فَلمَّا سمع النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قولهم، وعرف شكواهم، طمْأنهم بكلامٍ جميل! ووعدهم بأجرٍ جزيل! لهم ولكلِّ مَن جاء بعدهم! فقال: "أَفَلاَ أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ؟" أَيْ مِنْ أَهْل الْأَمْوَال، الَّذِينَ اِمْتَازُوا عَلَيْكُمْ بِالصَّدَقَةِ والعطاء "وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدَكُمْ" أي: تسبقون به أمثالكم، الذين لا يقولون هذه الأذكار "وَلاَ يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ، إِلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ؟".
اكمل باقى الموضوع من خلال الضغط على التالى : ↚

فتعجَّب هؤلاء الفقراءُ -رضي الله عنهم-، من هذا العمل العظيم، الذي إذا عملوه أدْركُوا بِهِ مَنْ سَبَقَهم، وَسْبقُوا بِهِ مَنْ بَعْدَهم، وَلاَ يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْهم، إِلاَّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعوا، فقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونَ، دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ مَرَّةً".

الله أكبر! من قال هذا الذكر اليسير، يكون أجرُه كالمتصدق والمنفق! فما أوسع وأعظم فضل الله -تعالى-!.

ولا عجب -يا عباد الله-: فهذا الذكر من أفضل وأعظم الأعمال، فهو سببٌ لغفران الذنوب، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ".

وقائلهنَّ لا يخيب أبدًا، قال صلى الله عليه وسلم: "مُعَقِّبَاتٌ لاَ يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلاَثٌ وَثَلاَثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ تَكْبِيرَةً"[رواه مُسلم].

6 التعليقات

avatar

عليه الصلاة وااسلام يا خير الانام كيف لأ!؟محا الغبن وازال الشك في النفوس والتردد عند الفقراء.....

avatar

صل الله على محمد
صل الله عليه وسلم

avatar
أزال المؤلف هذا التعليق.
avatar

اللهم صلى وسلام على سيدنا محمد صل الله عليه وسلم

avatar

السلام عليكم ورحمة الله تعالى. وبركاته

 

Start typing and press Enter to search